أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

حارس الذكريات

حارس الذكريات

في عالم يسوده الظلام، حيث تُباع الذكريات وتُمحى كما لو كانت بيانات، يعمل نزار، أحد حراس الذكريات الماهرين، في مؤسسة غامضة تُعرف بالمخزن. هذه المؤسسة لا تهتم بالماضي بقدر ما تهتم بالتحكم فيه. وظيفته بسيطة، لكنها محفوفة بالأسرار والخطر، محو الذكريات التي يرغب أصحابها في نسيانها، سواء كانت لحظات مؤلمة، أسرار خطيرة، أو جرائم لا يريد أحد كشفها. بالنسبة لنزار، العمل مجرد تقنية دقيقة، حيث يتعامل مع العقول وكأنها صفحات يمكن تعديلها وإعادة كتابتها. لكن كل شيء يتغير عندما يبدأ في رؤية ومضات من ذكريات لم يعشها قط، مما يدفعه إلى الشك بأن هناك شيئًا خاطئًا في النظام الذي يكرّس حياته له.   

العميل الغامض  

ذات ليلة، يدخل مكتبه رجل غريب الملامح، تبدو على وجهه علامات القلق والخوف. يجلس أمامه بصمت، ثم يطلب بصوت خافت أن يمحو ذكرى محددة. لا يقدم الرجل أي تفاصيل عن سبب رغبته في حذفها، لكن عينيه تحكيان عن قصة لم تروَ بعد. أثناء العملية، يشعر نزار بوخزة غريبة في رأسه، إحساس لم يكن يعاني منه من قبل، وكأن الذكرى لم تختفِ تمامًا، بل استقرت داخله بطريقة غير مفهومة، تاركة وراءها أثرًا يصعب تجاهله.  

ذكريات ليست له 

بعد تلك العملية، تبدأ ذكريات غريبة في الظهور أمامه، مشاهد من طفولة لم يعشها، أصوات بعيدة تهمس له بأشياء لا يفهمها. يراوده حلم متكرر عن شارع لا يتذكر أنه سار فيه يومًا، وأشخاص يناقشونه في أمور لا علاقة له بها. يزداد الأمر سوءًا عندما يبدأ في تذكر تفاصيل دقيقة عن أحداث لم يمر بها أبدًا. هل أصيب بخلل في العقل، أم أن هناك من يتلاعب بقدراته من داخل المخزن؟  

الأسرار المدفونة 

تدفعه هذه الظواهر الغريبة إلى البحث عن جذور هذه الذكريات، فيبدأ في مراجعة ملفات قديمة، ينظر في سجلات العملاء السابقين، ويكتشف أن بعض الذكريات لا تُمحى فعليًا، بل تُخزن في مكان مجهول داخل المخزن. كلما تعمق أكثر، يدرك أن المؤسسة التي عمل لصالحها لسنوات لم تكن مجرد مكان لإزالة الآثار المؤلمة، بل هي مصنع لإعادة تشكيل العقول وفقًا لخطط مجهولة. هل كان طوال الوقت يعمل لصالح منظمة تخدع عملاءها وتستخدم ذكرياتهم لأغراض مشبوهة؟  

ليلى والحقيقة المخفية 

في خضم بحثه، يقوده القدر إلى لقاء ليلى، عالمة سابقة في المخزن كانت تعمل على مشروع سري قبل أن يتم طردها منه لأسباب مجهولة. تخبره ليلى أن النظام الذي يخدمه ليس سوى واجهة لمشروع أكبر، مشروع يهدف إلى إنشاء أرشيف كامل للذكريات البشرية، حيث يتم تخزين أقوى الذكريات لاستخدامها لاحقًا كسلاح نفسي. لم يعد المخزن مجرد مكان لإزالة الذكريات، بل أصبح مختبرًا لتعديلها وإعادة برمجتها بما يخدم أهدافًا لا يعرف عنها أحد.  

قضية الصفر

بينما يحاول فهم حقيقة المنظمة، يستعيد نزار بعض التفاصيل عن القضية الصفر، أول تجربة لمحو ذاكرة كاملة لشخص. التجربة لم تكن ناجحة، بل أسفرت عن آثار جانبية خطيرة أدت إلى فقدان الشخص هويته بالكامل، وتحوله إلى مجرد كائن فارغ بلا مشاعر أو ذكريات شخصية. يدرك نزار أن المخزن ليس فقط جهة تُحذف فيها الذكريات، بل يستخدمها أيضًا كوقود لمشاريعه الخاصة.  

مطاردة المخزن

بينما يواصل بحثه، يدرك قادة المخزن أنه بدأ في كشف أسرارهم. فجأة، يشعر بأنه مراقب، ويبدأ في تلقي تهديدات مبطنة. تزداد الأمور تعقيدًا عندما يحاول الوصول إلى الملفات السرية في المخزن، ليكتشف أن ذكرياته نفسها أصبحت مهددة بالمحو. إن لم يهرب قريبًا، فقد يكون مصيره مماثلًا للقضية الصفر، مجرد جسد بلا هوية ولا ماضٍ.  

تحالف غير متوقع

مع تضييق الخناق عليه، يجد نزار نفسه بحاجة إلى مساعدة خارجية. يلتقي بسامر، عميل سابق في المخزن، والذي نجح في استعادة بعض ذكرياته لكنه فقد جزءًا من شخصيته في المقابل. يخبره سامر أن الذكريات يمكن أن تكون أكثر من مجرد صور في العقل، بل يمكنها تشكيل واقع جديد بالكامل. إذا تمكنوا من فك شفرة المخزن، فقد يتمكنون من إعادة كل شيء إلى نصابه الصحيح.  

المواجهة الأخيرة

مع اقتراب لحظة المواجهة، يجد نزار نفسه أمام خيار صعب، هل يكشف المخزن للعالم، أم يستخدم معرفته للتلاعب بالنظام وإنقاذ نفسه؟ في قلب المخزن، يدخل إلى الغرفة المركزية حيث يتم تخزين الذكريات الأكثر قوة، ويواجه راكان، المدير الأعلى للمؤسسة. يواجهه بالأدلة التي جمعها، لكنه يدرك سريعًا أن المخزن لم يكن مجرد منظمة سرية، بل كان جزءًا من شبكة عالمية أكبر تتحكم في العقول.  

النهاية المفتوحة

يخبره راكان بالحقيقة الأخيرة، الذكريات ليست مجرد مشاعر أو تجارب، بل يمكنها تشكيل الواقع نفسه. إذا كشف النظام، فالعالم قد ينهار، حيث سيتمكن البشر من استعادة ماضٍ قد لا يكون لهم أساسًا. كل شيء كان مخططًا له بعناية لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة.  

في عالم تتحكم فيه الذكريات، يبقى نزار علامة استفهام، هل كان ضحية أم مجرمًا؟ وهل نحن حقًا من نملك ذكرياتنا، أم أنها مجرد صور تُعاد تشكيلها حسبما يريد الآخرون؟ يترك وراءه رسالة مشفرة تكشف جزءًا من الحقيقة، لكنه يختفي بعدها تاركًا العالم يتساءل، هل كان كل شيء مجرد خدعة أخرى؟   

عالم القصص
عالم القصص
تعليقات